آفة خطيرة ومرض قاتل
(فقدان الثقة بالنفس)
الثقة بالنفس هي إحساس الشخص بقيمة نفسه بين من حوله فتترجم هذه الثقة كل حركة من حركاته وسكناته ويتصرف الإنسان بشكل طبيعي دون قلق أو رهبة فتصرفاته هو من يحكمها وليس غيره ....
وهي نابعة من ذاته لا شأن لها بالأشخاص المحيطين به .
وبعكس ذلك هي انعدام الثقة التي تجعل الشخص يتصرف وكأنه مراقب ممن حوله فتصبح تحركاته وتصرفاته بل وآراءه في بعض الأحياء مخالفة لطبيعته ويصبح القلق حليفه الأول في كل اجتماع أو اتخاذ قرار .
وعندما يفقد الإنسان ثقته بنفسه يفقد معها كل فرصة في التطور والتقدم للأمام .. يصبح مثل العصفور الذي لا يعرف كيف يطير .. مع أن له جناحين قويين وجميلين .. ولكنه ؛ ولأنه لم يحاول أو يجرب ؛ ولم يتعلم خوفاً من السقوط سيظل محروماً من متعة التحليق والطيران .. بل سيصبح هدفاً سهل المنال وصيداً ثميناً لمن يبحث عن عصفور جميل يحلق على الأرض ..
ما هي الأسباب التي تفقد الإنسان شعوره بالثقة ويصبح كريشة في مهب الريح تتقاذفه الأهواء والمزاج السيء فينعكس على علاقاته بكل من حوله من معارف وأصدقاء وأقرباء.
هناك جوانب عديدة وأسباب متباينة تؤثر على الانسان وتجعله يفقد ثقته بنفسه ويصاب بالاحباط والانطواء ...
يقول د. بدر عبد الحميد هميسه : فقدان الثقة بالنفس أمر له أسبابه ودواعيه ومن أهم هذه الأسباب :
( أ ) البيئة المحيطة وأخطاء في التربية
البيئة هي المكان أو الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الإنسان فيتأثر به ويؤثر فيه , فالتربية الأولى والبيئة المحيطة يؤثران في أفكار الإنسان وفي معتقداته وتصرفاته تأثيراً كبيراً , وذكريات الطفولة تبقى ماثلة في ذهن الإنسان فيستدعيها حينما يكبر في المواقف التي تواجهه , فإذا نشأ الإنسان خائفاً في طفولته يظل كذلك طوال حياته ما لم يحاول أن يكسر حاجز الخوف، والخوف ينشأ من المعاملة المتسلطة للآباء وعدم احترامهم لطفولته.
وتوجيهات الوالدين في التربية تبقى العامل الأكبر في توجهات المرء وفي تصرفاته , ومن شب على شيء شاب عليه ,
تحكي كتب التاريخ أنه بعد طلاق هند بن عتبة من الفاكهه تزوجت أبا سفيان وأنجبت منه مجموعة من الأبناء ومنهم معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه ،
ومر عليها بعض متفرسي العرب فقال لها : إنني أتوسم فيه أن يسود قومه ، فقالت هند : ثكلته إن لم يسد إلا قومه.!!!
أي تأمل أن يسود العرب جميعا .
وهذا أديسون .. الفتى الذي لا يعرف اليأس .. يقول عن نشأته :
"إن أمي هي التي صنعتني .. لأنها كانت تحترمني وتثق في .. أشعرتنى أنى أهم شخص في الوجود .. فأصبح وجودي ضروريا من أجلها وعاهدت نفسي ألا أخذلها كما لم تخلني قط".
وشكت لي إحدى الأمهات من أنها قد تعبت مع ابنها جداً في كيفية الضغط عليه حتى يحفظ "جدول الضرب" حتى اضطرت في النهاية إلى أن تعلق له لوحة كبيرة في غرفة نومه بها جدول الضرب , وقد كتبت عليها بخط عريض : "حرام عليك ياحسام .. تعبتني .. احفظ جدول الضرب" ،
ولم يحفظ حسام جدول الضرب طالما ينام ويستيقظ على تقريع وتوبيخ , قالت : وماذا أفعل ؟ قلت : استبدلي تلك الرسالة السلبية برسالة ايجابية , واكتبي له : حسام تلميذ ممتاز وذكي لأنه حفظ جدول الضرب , وبالفعل جاءتني بعد أيام قليلة وقالت : الحمد لله خلال يومين حفظ حسام جدول الضرب .
( ب ) التجارب والمواقف الفاشلة والمحبطة
التجارب الفاشلة والمواقف الصعبة المحبطة التي تحمل آثاراً وذكريات سيئة قد تكون سبباً في فقدان الإنسان لثقته بنفسه , فهو يخشى أن تتكرر تلك التجارب وتدمر حياته من جديد .
ولا يعرف أنه من الظلام ينبع النور والضياء ومن الفشل يأتي النجاح والنصر , إن الفشل في تحقيق ما تريد أمر طبيعي في العالم الذي نعيش فيه, وليس الفشل هو الذي يجعل منا فاشلين لكن إذا توقفنا عن المحاولات وقبلنا هذا الفشل نكون فاشلين.
لماذا بعض الناس يفشل باستمرار ؟؟؟. لأنهم ألفوا بعض الكلمات المحبطة مثل :
هذا مستحيل - صعب - لا أقدر - هل فعلها أحد قبلنا - تعبت من كثرة الإحباط والفشل الذي مررت به.
ليس المهم ما حدث لك في الماضي ولكن ماذا ستفعل الآن هو الذي سيصنع الفرق في حياتك . وحتى تتغير الأمور يجب أن تغير نفسك وليس الآخرين , قال الشاعر :
جزى الله الشدائد كل خير
عرفت بها عدوي من صديقي
فلا تجعل التجارب السيئة التي مررت بها سببا لفقدان ثقتك بنفسك وبمن حولك , وإلا فأنت إنسان ضعيف وجبان وتستسلم للفشل وبالتالي فأنت لا تستحق السعادة والنجاح .
( ج ) الانشغال بالآخرين وترك الانشغال بالنفس
الانشغال بالآخرين وترك الانشغال بالنفس وعيوبها من أسباب فقدان الثقة بالنفس فالذي يهتم دائما بما يقوله الناس عنه , وكيف ينظرون إليه , وبم ينتقدونه ؟؟ . هو إنسان يسير بنفسه في نفق مظلم لا يخرج منه أبدا .
فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس , قال الشاعر :
قبيح من الإنسان أن ينسى عيوبه ... ويذكر عيبا في أخيه قد اختفى
ولو كان ذا عقل لما عاب غيره ... وفيه عيوب لو رآها قد اكتفى
إننا جميعا نميل إلى قبول المديح ورفض النقد لأننا عاطفيون وحب الذات طاغ على تفكيرنا بشكل غير منطقي .
و بمجرد أن يوجه لنا أي نقد حتى ندخل أنفسنا في دوامة المشاعر المختلفة والتي تنتهي إلى الشعور بالألم وقد تصدر منا تصرفات تزيد من معاناتنا وتضخم الموقف دون أي طائل.
فمن المهارات الأساسية التي يجب أن نتدرب عليها هي تعزيز فكرة قبول الذات والثقة بالنفس فمهما كان رأي الناس في تبقى نفسي عزيزة علي وأكن لها كل تقدير وحب واحترام .
( د ) الشعور بالنقص ووهم العجز والفشل
الشعور بالنقص ووهم العجز والفشل هو الإحساس الداخلي الذي يملك الإنسان ويشعره بالقصور والنقص إزاء الآخرين فيفقد ثقته بنفسه تماماً .
فمن صفات عدم الواثق بنفسه أنه يقوم بتهويل الأمور والمواقف بحيث يستشعر بأن من حوله يركزون على ضعفه ويرقبون كل حركة غير طبيعية يقوم بها وكل تصرف يصدر منه.
كما أن لديه خوف وقلق دائم من أن يصدر منه تصرف مخالف للعادة فينظر إليه الآخرون نظرة تصغير واحتقار.
وكذا لديه إحساس بأنه إنسان ضعيف ولا يمكن أن يقدم شيئا مفيدا ينفع به نفسه أو يستفيد منه الآخرون .
وهذا الشعور يسلب الإنسان الإرادة والدافعية نحو النجاح والإبداع , كما أنه يؤثر على علاقته بكل من حوله ويجعله عاجزا عن مواجهة مشاكله وكيفية التعامل معها بحكمة ومرونة .
ولكي تصبح إنساناً واثقاً من نفسك لا بد لك من عدة أمور تطبقها في حياتك من الآن وهي :
1- غير من قناعاتك وأعد برمجة ذاتك
الثقة بالنفس عبارة عن قول وعمل واعتقاد جنان مثل الإيمان فهو عبارة عن قناعات تستقر في القلب الجنان وعن كلمات ينطق بها اللسان وحركات تأتي بها الأركان .
قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} 11/ سورة الرعد,
عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ : إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِىَّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا مَهْ مَهْ ،
فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ فَجَلَسَ ، قَالَ أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ ،
قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ ،
قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ ،
قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ ، قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ ،
قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ ،
قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاَتِهِمْ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ .
قَالَ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَىْءٍ. أخرجه الإمام أحمد .
ففي الحديث السابق نجد النبي قد غير من قناعات هذا الشاب الذي جاء إليه ليصرح له بالزنا , وغير من فكره فتغيرت نظرته للأمور وصار ينظر إليها بشكل مختلف .
وهناك قصة عربية قديمة تقول: «في أحد الطرق الصحراوية، قابل الطاعون قافلة وهو في طريقه إلى بغداد، فسأله الأعرابي المسئول عن القافلة: «لماذا أنت ذاهب إلى بغداد؟.» فأجاب الطاعون: «لكي أقضي على خمسة آلاف شخص». وفي طريق عودته من المدينة، التقى الطاعون بالقافلة مرة أخرى، فصاح فيه الأعرابي في غضب: «لقد كذبت عليّ وبدلاً من أن تقتل خمسة آلاف قتلت خمسين ألفاً!». فردّ عليه الطاعون: «هذا غير صحيح، وأنا لم أكذب عليك، لقد قلت لك إنني سوف أقتل خمسة آلاف، وهذا هو العدد الذي قتلته لا أكثر ولا أقل، أما الباقون فقد قتلهم الخوف».
2- أيقظ قواك الخفية
في داخل كل منا قوى خفية وطاقات هائلة لا يعلم سرها إلا الخالق سبحانه وتعالى , وتؤكد الدراسات أن أكثر أهل الأرض ذكاء لم يستغل أكثر من أربعين بالمائة من قواه العقلية , يقول الدكتور بولس : "اكتشف العلماء في القرن العشرين أن الإنسان يولد وتولد معه حوالي 120بليون خلية نشطة في مخه بمعنى لو قدر أن عدد سكان الكرة الأرضية مع بداية القرن الواحد والعشرين بستة مليارات شخص: عدد خلايا العقل 1000.000.000.000 ، وعدد سكان الأرض00: 6000.0000"
أي أن عدد خلايا العقل في رأسك يفوق عدد سكان كوكب الأرض ب166 مرة !!!
لك أن تتخيل مدى انبهار العلماء بهذا الكشف المذهل حيث أنهم شعروا أيضا بمدى تفوقهم العقلي..
هذا يعني أنك مسؤول في الواقع عن قيادة وتغذية وتحمل مسؤولية حياة ونشاط وتوجه ملايين وملايين من الكائنات الذكية الحية التي تعتبر كل منها بمثابة عبقرية !
أي أنها تضاهي عظمة أي إمبراطور يدير العالم !!
مستحيل أن تضيع في هذا الفضاء الكبير المليء من خلايا الأمل والتفاؤل والنجاح والسعادة !!.
ولو استطاع الإنسان استخراج بعض قواه الداخلية لتغير الكون من حوله ولرأينا منه العجائب ,
فَهَذا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ مِنْ نُقَبَاءِ الْأَنْصَارِ أَعْرَجُ وَهُوَ فِي أَوَّلِ الْجَيْشِ . قَالَ لَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَذَرَكَ . {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} فَقَالَ : وَاللَّهِ لَأَحْفِرَنَّ بِعَرْجَتِي هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ .
تحكي كتب السيرة أن عمرو بن الجموح رضي الله عنه وأرضاه كان رجلا قد جاوز الستين من عمره , لكن ذلك لم يمنعه أن يوقظ قواه الخفية , ولا أن يتخذ قراراً بأنه يريد أن يطأ الجنة بعرجته , ويجاهد في سبيل الله تعالى ،
فَعَذَرَ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ أَصْحَابَ الْأَعْذَارِ ، وَمَا صَبَرَتِ الْقُلُوبُ ;
وَذاكَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ وَطَلَبَ أَنْ يُعْطَى اللِّوَاءَ فَأَخَذَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْكُفَّارِ فَضَرَبَ يَدَهُ الَّتِي فِيهَا اللِّوَاءُ فَقَطَعَهَا ، فَأَمْسَكَهُ بِالْيَدِ الْأُخْرَى فَضَرَبَ الْيَدَ الْأُخْرَى فَأَمْسَكَهُ بِصَدْرِهِ وَقَرَأَ : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} هَذِهِ عَزَائِمُ الْقَوْمِ .
3- كن نفسك ولا تكن الآخرين
الانصياع والذوبان في الآخرين والانقياد إليهم في كل شيء دليل على ضعف الشخصية وفقدان الثقة بالنفس , وعدم التميز , وهو أمر مهلك ومدمر أن يصير الإنسان ذنباً لغيره يتبعه في حقه وباطله , وهذا ما عابه الله تعالى على المشركين فقال :
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)} سورة البقرة .
عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ : (لاَ تَكُونُوا إِمَّعَةً ، تَقُولُونَ : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا ، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا ، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكْمْ ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا ، وَإِنْ أَسَاؤُوا فَلاَ تَظْلِمُوا) أخرجه التِّرْمِذِي .
فمراقبة الناس وإتباعهم في كل شيء تجعل الإنسان بلا عنوان ولا هوية , قال الشاعر :
من راقب الناس مات ... فاز باللذة الجسور
ومن القصص الظريفة التي قرأتها في بعض المنتديات , أن رجلاً انتقل مع زوجته إلى منزل جديد وفي صبيحة اليوم الأول وبينما يتناولان وجبة الإفطار قالت الزوجة مشيرة من خلف زجاج النافذة المطلة على الحديقة المشتركة بينهما وبين جيرانهما : انظر يا عزيزي . إن غسيل جارتنا ليس نظيفا .. لابد أنها تشتري مسحوقا رخيصا .... ودأبت الزوجة على إلقاء نفس التعليق في كل مرة ترى جارتها تنشر الغسيل وبعد شهر اندهشت الزوجة عندما رأت الغسيل نظيفا على حبال جارتها .. وقالت لزوجها : انظر .. لقد تعلمت أخيرا كيف تغسل .. فأجاب الزوج : عزيزتي لقد نهضت مبكرا هذا الصباح ونظفت زجاج النافذة التي تنظرين منها .. !!! أصلحي عيوبك قبل أن تصلحي عيوب الآخرين.
4- تفاءل بالخير تجده
الإنسان المتفاءل المبتسم إنسان سوي الشخصية إيجابي في الحياة , والإنسان المتشاءم المكتئب إنسان ضعيف فاقد للثقة بنفسه , ولقد نهانا الإسلام عن التطير والنظر إلى الحياة بمنظار أسود , قال تعالى : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)} سورة النمل .
وعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (لاَ طِيَرَةَ ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ ، قَالُوا : وَمَا الْفَأْلُ ؟ قَالَ : الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ) أخرجه أحمد والبُخاري ومسلم .
قال الشاعر :
إن شرَّ الجناة ِ في الأرض نفس ٌ ... تتوقى قبل الرحيل رحيلا
و ترى الشوك في الورد و تعمى ... أن ترى فوقها الندى إكليلا
و الذي نفسه بغير جمال ٍلا يــــــــــرى في الوجود شيئا ً جميلا
ولقد ربي النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على التفاؤل ونبذ التشاؤم واليأس ,
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلاَ يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلاَمَ ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ) .
وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ : "قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ ، وَالشَّرَفُ ، وَالْعِزُّ ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا ، الذُّلُّ ، وَالصَّغَارُ ، وَالْجِزْيَةُ" . أخرجه أحمد
قال الشاعر :
يا صاحبي ما لي أراك مقطباً مهمومـــــا
وعلى ملامحك البكاء مصوراً مرسومـــا
اصبر على سحب الحياة إذا تجمع غيمها
فالشمس لن تبق على وجه السماء غيوما
سُئل نابليون : كيف استطعت أن تولد الثقة في نفوس أفراد جيشك .؟!. فأجاب : كنت أرد على ثلاث بثلاث !!
- من قال لا أقدر ... قلت له ... حاول .
- من قال لا أعرف ... قلت له ... تعلم
- من قال مستحيل ... قلت له ... جرب.
5- راجع أصدقاءك وعلاقاتك
قد يكون من أسباب فقدان الثقة بالنفس مصاحبة من أصحاب التردد والضعف النفسي , فالطباع سارقة تسرق من بعضها , والصاحب ساحب , ومصاحب أهل السوء خزي وندم , قال تعالى : {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)} سورة الفرقان .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : (الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ) . أخرجه البخاري
قال الشاعر :
واختر صديقك واصطفيه تفاخرا
إنّ القرين إلى المقارن ينسبُ
فإذا أردت أن تبدأ صفحة جديدة على طريق الثقة بالنفس فعليك بمراجعة صداقاتك وعلاقاتك بمن حولك وأن تفارق أصدقاء السوء وممن لديهم فقدان الثقة بأنفسهم وصاحب أصدقاء صالحين لديهم إرادة وطموح وثقة بالنفس .
6- حاول أن تصنع من الشراب المر شراباً حلواً
من الثقة بالنفس قوة الإرادة والصبر وتحمل الشدائد والصعاب , وهذا من صفات المؤمنين الصالحين , الواثقين بما عند الله تعالى من خير وأجر , قال تعالى : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} سورة البقرة .
قال الشاعر :
وعاجز الرأي مضياع لفرصته
حتى إذا فات أمر عاتب القدرا
حينما استكثر المسلمون ما أصابهم من البلاء يوم أحد وقد كانوا أصابوا يوم بدر من المشركين ضعف ذلك فأنزل الله عز وجل في ذلك : {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} سورة : آل عمران : 165.
كان لاختراع المصباح الكهربائي قصة مؤثرة في حياة أديسون ، ففي أحد الأيام مرضت والدته مرض شديد، وقد استلزم الأمر إجراء عملية جراحية لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية نظراً لعدم وجود الضوء الكافي، واضطر للانتظار للصباح لكي يجري العملية لها، ومن هناتولد الإصرار عند أديسون لكي يضئ الليل بضوء مبهر فأنكب على تجاربه ومحاولاته العديدة من اجل تنفيذ فكرته حتى انه خاض أكثر من 99999 تجربة في إطار سعيه من اجل نجاح اختراعه، وقال عندما تكرر فشله في تجاربه : "هذا عظيم.. لقد أثبتنا أن هذه أيضا وسيلة فاشلة في الوصول للاختراع الذي نحلم به"، وعلى الرغم من تكرار الفشل للتجارب إلا انه لم ييأس وواصل عمله بمنتهى الهمة باذلاً المزيد من الجهد إلى أن كلل تعبه بالنجاح فتم اختراع المصباح الكهربائي في عام 1879م.
7- لا تضيع فرص النجاح
إن إضاعة الفرصة غصة والفرصة متى فاتت فلن تعود ، فحياتنا على الدوام بين مد وجزر فمن انتهز فرصة المد توصل إلى هدفه المرجو ونعم بما نال من مناعم الحياة ومن أضاعها عاش حياة مترعة بالشقاء والآلام فعلينا أن نحسن الاستفادة من الفرص السانحة .
قال البارودي :
بادر الفرصة واحذر فـوتها .. فبلوغ العز في نيل الفرص
واغتنم عمرك إبان الصبــا .. فهو إن زاد مع العمر نقص
وابتدر مسعاك واعلم أن من .. بادر الصيد مع الفجر قنص
فبعض الناس يترك فرص النجاح ويجلس ليبكي على اللبن المسكوب ويعاتب القدر ويندب حظه , ويظن بذلك أنه يحسن صنعاً ,
يقول صاحب كتاب دع القلق : "لقد وجدت أن القلق على الماضي لا يجدي شيئاً تماماً كما لا يجد بك أن تطعن الطعين ، ولا أن تنشر النشارة وكل ما يجديك إياه القلق ، هو أن يرسم التجاعيد على وجهك ، أو يصيبك بقرحة المعدة" ،
والقلق يهزم صاحبه قبل أن يبدأ المعركة ، فمن ظن أنه قد هزم فقد حزم حقاً ، ومن ظن أنه ليس مقداماً فلن يكون مقداماً ، ومن ظن أنه يفوز فلن يفوز أبداً .
قال الشاعر :
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا
8- كن عالي الهمة لتصل إلى القمة
الذي لديه همة عالية لديه ثقة عالية , فهناك ارتباط وثيق بين الثقة بالنفس والهمة العالية , ولقد حكى لنا القرآن الكريم قصة ذي القرنين وهمته العالية وثقته بنفسه ومحاولته بث الأمل والطموح فيمن حوله , قال تعالى : {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)} سورة الكهف .
كان لعمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ همة عالية ، تظهر جليَّة في قولته المشهورة : "إنّ لي نفساً توّاقة ! تَمَنَّيْتُ الإمارة فَنِلْتُها ، وتَمَنَّيْتُ أن أتزوَّج بنتَ الخليفة فنِلْتُها ، وتمنيَّتُ الخلافة فنِلْتُها ، وأنا الآن أتوق للجنة ، وأرجو أن أنالها" .
قال الشاعر :
وللنجم من بعد الرجوع استقامة
وللشمس من بعد الغروب طلوعُ
وإن نعمة زالت عن الحر وانقضت
فإن لها بعد الزوال رجـــــــــــوعُ
فكن واثقا بالله واصـبر لحكـمه
فإن زوال الشـــــــر عنك سريعُ
وهذا يحي بن يحي رحل إلى الإمام مالك وهو صغير رحم الله الجميع وسمع منه وتفقه، وكان مالك يعجبه سمته وعقله ، روي انه كان عند مالك في جمله من أصحابه ، إذ قال قائل : قد حضر الفيل ، فخرج أصحاب مالك لينظروا إليه غيره (أي غير يحي ويبقى هو مكانه في الدرس ) فقال له مالك : لم لا تخرج لترى الفيل ، فقال له يحي : إنما جئت من بلدي لأنظر إليك وأتعلم من هديك وعلمك ولم أجئ لأنظر إلى الفيل . فأعجب به مالك، وسماه(عاقل أهل الأندلس).
قال المتنبي :
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ ... فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ ... كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ
9- كن أغنى الناس
فعليك دائما بالتفاؤل والرضا بما كتب الله وتذكر قول الله تعالى : {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}216/ سورة البقرة .
قَالَ رَسُولُ اللهِ : (وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ ). أخرجه أحمد .
في أحد المرات خرج الملك إلى الصيد ورافقه الوزير وفي هذه الرحلة أصيب الملك في يده و اضطر إلى قطع أصبعه وهو متذمر جداً قال له الوزير : لعله خيرا ؟ فغضب الملك غضبا شديدا وأمر بحبسه وفي طريقه إلى السجن قال : لعله خيراً -متفائل- ومرت الأيام والشهور, خرج الملك كعادته لممارسة هوايته المفضلة -الصيد- وأثناء مطاردته لفريسته ابتعد كثيرا عن حرسه المرافقين له,و دخل إلى قبيلة في الأدغال, وكانوا يمارسون طقوسهم والتي تتمثل في تقديم قربان إلى الآلهة: أي شخص غريب يدخل قبيلتهم, وقد كان الملك؟ فربطوه و بينما هم يستعدون لقتله رأوا أصبعه المقطوع فأمرهم زعيمهم أن يطلقوا سراحه لأن القربان يجب أن يكون شخصا كاملا وفاخراً, وحين عودته أمر بإطلاق سراح وزيره, وروى له قصته وبين له كيف أن إصبعه المقطوع هو الذي نجاه من الموت وأنه عنده حق في كلامه, ولكنه سأله قائلا: لقد سمعتك تقول وأنت ذاهب إلى السجن لعله خير ؟ وهل في السجن خير ؟
فرد الوزير: يا أيها الملك لو لم أدخل السجن لكنت معك في رحلة الصيد و أنا ليس في جسمي عيب, لتركك أهل القبيلة و لقدموني أنا بدلا منك إلى آلهتهم قربانا ...؟ فكان في صنع الله كل الخير.
قال الشاعر :
أضرعْ إلى الله لا تضرعْ إلى النَّاسِ ... واقنعْ بيأسٍ فإنَّ العزَّ في الياسِ
واستغنِ عنْ كلِّ ذي قربى وذي رحمٍ ... إنَّ الغنيَّ منِ استغنى عنِ النَّاسِ
10- عش مع سير العظماء والناجحين
العيش مع قصص العظماء والناجحين وقراءة تاريخهم وسيرهم مما يعزز الثقة بالنفس , ويضع النموذج أمامه ليسير عليه , قال تعالى : {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} 111/ سورة يوسف .
قال أحمد ابن حنبل يقول سمعت سفيان بن عيينة : تنزل الرحمة عند ذكر الصالحين. ابن المنذر
قال إبراهيم بن إسحاق الحربي : سمعت بشر بن الحارث يقول : حسبك أن أقواما موتى تحيى القلوب بذكرهم وأن أقواما أحياء تقسو القلوب برؤيتهم .
وإذا سمعت بذكرهم بين الورى ... فيصير قلبي من جواه يخفق
والمتأمل في سيرة أعظم الخلق وأفضلهم وأعزهم على الله تعالى محمد الذي قال فيه ربه : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} 21/ سورة الأحزاب .
يجده النموذج الأعلى والأسمى في الثقة أولا بما عند الله تعالى , ثم ثقة بنفسه وبمن حوله من ثُلة الأخيار الأبرار ,
فقد ظل ثلاثة عشر عاما في مكة وحدها يدعو الناس ليل نهار إلى عبادة الواحد القهار , وبالرغم من التعذيب والاضطهاد فإنه لم ييأس ولم يقنط بل ظل واثقا بنصر ربه وتأيده .
وعلى هذا النهج سار الصحابة والتابعون ومن بعدهم ,
في بعض حروب الروم قال رجل لخالد بن الوليد : ما أكثر الروم وأقل المسلمين !
فقال خالد: "ما أكثر المسلمين وأقل الروم، وإنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان، والله لوَدِدْتُ أنَّ الأشقر ، يعني فرسه، براء من توجيه وأنهم أضعفوا في العدد، وكان قد حفي في مسيره" .
فلا تيأس من إصلاح نفسك ..
فأنت قوي ولديك إرادة ..
ثق بربك أولاً ثم بم حباك من قدرات وإمكانات ,
وتغير من داخلك يتغير الكون من حولك ..
ابدأ رحلة التغيير الآن وليس غداً لا تسوف ولا تؤجل ..
أحضر ورقة واكتب فيها خطة التغيير وعلقها بذهنك قبل أن تعلقها على جدار غرفتك ..
ولا تسمح للتوافه أن تغلبك ..
كن نفسك ولا تكن غيرك ..
فأنت الآن إنسان جديد .