إن الحمدَ للهِ نحمَدُهُ سُبحانَه وتَعالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّـئَاتِ أَعْمَالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومن يُضلِلْ فلا هَادِيَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولا مثيلَ له ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا هيئَةَ ولا صُورَةَ ولا أعضاءَ ولا جِسمَ ولا كيفِيَّةَ ولا جهةَ ولا مكانَ له، أحمدُه سبحانَهُ أن جعَلَ في قُلوبِنا التنـزيهَ، أحمَدُهُ سبحانَهُ أن جَعَلَ في قُلوبِنا التوحِيدَ، وأسأَلُهُ سبحانَهُ أن يُثَبِّتَ قلوبَنا على عقيدَةِ التَّوحيدِ والتَّنـزيهِ.
وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنَا وقائِدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنَا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وَصَفِيُّهُ وحبيبُهُ، من بَعَثَهُ اللهُ رحمةً للعالَمِينَ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، فَبَلَّغَ الرسالةَ وأَدَّى الأَمانَةَ وَنَصَحَ الأمّةَ، فجزاكَ اللهُ عنا يا سَيِدي يا رسولَ اللهِ خيرَ ما جزى نبيًا من أنبيائِهِ، الصلاةُ والسلامُ عليك يا سيدي يا علمَ الهدَى ويا بَدْرَ الدُّجَى ويا سَيِّدَ الأنبياءِ وإمامَ الأتقياءِ ويا شمسَ الشُّموسِ ويا بَدْرَ البُدورِ ويا قَمَرَ الأَقمارِ يا مُحمد صلى اللهُ وسلم عليكَ وعلى إخوانِك الأنبياءِ والمرسلينَ.
أيها الأحبةُ المسلمون أوصِي نفسِي وَإِيَّاكم بتقوَى اللهِ العَظِيمِ فَهَذِهِ الدُّنيا إلَى الزَّوالِ، كُنْ فِي الدُّنيا كأنَّكَ غريبٌ أَو عابرُ سَبِيلٍ، كُنْ فِي الدُّنيا كَرَاكِبٍ استَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ ثُمَّ راحَ وَترَكَهَا صدَقَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليهِ وسلَّمَ فيمَا قالَ. يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى في القُرءانِ الكَريمِ: ﴿وَالفَجرِ وليالٍ عشْر﴾ سورة الفجر/1ـ2. إننا في أيامٍ عظيمةٍ وَمُبَارَكَةٍ أَيَّامِ خَيْرٍ وَفَضِيلَةٍ، وَلَيَالِ خَيرٍ وفضيلةٍ وبرَكةٍ هي لَيَالِ العَشْرِ الأوَّلِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، التي عَنَاهَا اللهُ تعالَى بِقوْلِه ﴿ولَيَالٍ عَشْر﴾.
مِن هَذِهِ الأَيَّامِ المبارَكَةِ مِنَ العَشْرِ الأَوَائِلِ من ذِي الحِجَّةِ يَومُ عَرفةَ، وأفضَلُ أيامِ الأسبوعِ عندَ اللهِ هُوَ يَوْمُ الجمُعَةِ وَبَعْدَهُ يَوْمُ الاثنَينِ. أما يَومُ عَرَفَةَ فَلَهُ مَزِيَّةٌ خاصَّةٌ خَصَّهُ اللهُ تبارك وتعالى بِها. أيامٌ لَها مَزَايا وَفَضَائِلُ فَفِيهَا يَومُ الحجِّ الأَكْبَرِ وَهُوَ يَوْمُ العِيدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ فِي الحجِّ، يَوْمُ العِيدِ هُوَ يَوْمُ الحَجِّ الأكبرِ سواء كانَ يومَ الجمعَةِ أَمْ لا، وَفِيهَا يَوْمُ عَرفةَ وَهُوَ قَبْلَ يَوْمِ العيدِ. وَسُمِّيَ يومُ العِيدِ للحاجِّ يَوْمَ الحَجِّ الأكبرِ لأنَّ مُعْظَمَ أَعْمَالِ الحجِّ تَكُونُ فيهِ كَالطَّوافِ والحَلْقِ أَوِ التَّقصيرِ وَرَميِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ وَتَبْدَأُ هذهِ الأيَّامُ الفَاضِلَةُ عَشرُ ذِي الحِجَّةِ مِنْ أَوَّلِ شهرِ ذِي الحِجَّةِ إلَى العَاشِرِ مِنْهُ وَهُوَ يومُ العِيدِ، كُلُّ هذهِ الأيامِ لَهَا فَضْلُ عندَ اللهِ تعالَى فإِنَّ عَمَلَ البِـرِّ والإِحسانِ في هذهِ الأيامِ يَزكُو وَيَزِيدُ علَى مَا سِوَاهُ، وَقَدْ قَالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ قَالَ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ فيهَا أَحَبُّ إلَى اللّهِ مِنْ عَشرِ ذِي الحِجَّةِ" فيُفْهَمُ أنَّ الأَعْمالَ الصَّالِحَةَ في هذهِ الأَيَّامِ تَزْكُو عِندَ اللهِ تعالَى أكثَرَ مِمَّا إذا عُمِلَتْ في غَيْرِها.
في العَشْرِ الأَوَائِلِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ أَكْثِرُوا مِنَ التَّهلِيلِ لا إلَهَ إلاَّ اللهُ، وَالتَّكبيرِ واللهُ أكبرُ، والتَّحمِيدِ وَالحمدُ للهِ. أما صِيَامُ هَذَا اليَوْمِ فَسُنَّةٌ عَظِيمَةٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا بِالحَجِّ. يقولُ اللهُ تعالَى في القُرءَانِ الكريمِ: ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَات﴾ سورةُ البقرة/ءاية 203. وقد عنَى اللهُ تباركَ وتعالَى في هَذهِ الآيةِ الكريمَةِ هذهِ الأَيَّامَ العَشْرَ التِي نَحْنُ فيهَا فَنَسْأَلُ اللهَ تعالَى أن يَتَقَبَّلَ فِيهَا طَاعَاتِنا وَأَنْ يَتَقَبَّلَ حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الحرامِ ويُيَسِّرَ لنَا الحجَّ وزيارةَ قَبْرِ نَبِيِّهِ محمدٍ عليهِ الصلاةُ والسلام.
إخوانِي، الوُقوفُ بعرفَةَ لا يُشتَرَطُ له صَلاةٌ مَخْصُوصةٌ وَلا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ وَلكِنَّ العُلَمَاءَ استَحْسَنُوا أَنْ يَقُولَ الذِي يَتَوَجَّهُ إِلَى عَرَفَةَ: اللهمَّ إليكَ توجَّهْتُ وَلِوَجْهِكَ الكَرِيمِ أَرَدْتُ فَاجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا وَحَجِّي مَبْرُورًا وَارْحَمْنِي وَلا تُخَيِّبْنِي إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ. ويُكثِرُ من التَّلبِيَةِ بقولِه: لبيكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمَةَ لكَ والملك، لا شريكَ لكَ.
إنَّ مَوْقِفَ المسلِمِينَ عَلَى أَرْضِ عرفةَ قَائلِينَ: "لبّيكَ اللهمَّ لبّيك، لبّيكَ لا شريكَ لكَ لبّيك، إنّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك، لا شريكَ لك" موقفٌ تَنْشَدُّ لَهُ الأَبْصَارُ، مَوْقِفٌ تَحِنُّ لهُ القُلوبُ، مَوْقِفٌ تَذْرَفُ لَهُ العُيونُ بالدُّموعِ شَوْقًا لِتلكَ البِقَاعِ، شَوْقًا لأُمِّ القُرَى لِمَكَّةَ وَمِنَى وَعَرفَةَ.
أيُّها الإِخْوَةُ إنَّ الاعتِصَامَ المُنْجِي هُوَ الاعتِصَامُ بكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم. وكمْ هُوَ عَظِيمٌ قَوْلُكَ يا رَسولَ الله: "يا أيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قدْ تَرَكْتُ فِيكُم مَا إنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نبيِّهِ إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَخُو المسلِمِ، المسلِمُون إِخوَة" الحديثُ. يقولُ اللهُ تعالَى: ﴿وَكُنتُم علَى شفَا حفرةٍ منَ النارِ فَأنقَذَكُم مِنهَا﴾ أَنْقَذْهُم مِنَ النَّارِ بِالإِسْلامِ.
إخوة الإيمانِ إننَا ندعُو للتَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللهِ، للتمسُّكِ بحديثِ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم. لَقَدْ تَفَشَّى وَبَاءُ الجَهْلِ وَمَرَضُ التَّشَبُّثِ بِالبَاطِلِ وَالزَّيْغِ، وَءَانَ الأَوَانُ للتَّشَبُّثِ بِالعِلْمِ والعَمَلِ وَالوَسَطِيَّةِ والاعتِدَالِ. اللهمَّ أَصْلِحْ ذَاتِ بَيْنِنَا، اللهمَّ ألِّفْ بَيْنَ قُلوبِنا يا ربَّ العالَمِين.
إخوةَ الإِيمانِ، إننَا في جمعيةِ المشاريعِ الخيريةِ الإسلاميةِ في هذهِ الأيامِ الفضيلةِ المبارَكَةِ نُجَدِّدُ الدَّعْوَةَ لِلعِلْمِ وَالاعتِدَالِ والوَسَطِيَّةِ وَالتَّآخِي عَلَى أَسَاسِ الالتِزَامِ بِحُدُودِ هذا الدِّينِ العَظِيمِ، وحُسْنِ الخُلُقِ وَالتَّواضُعِ مَعَ المسلِمِ وَغَيْرهِ وَنَبْذِ الْمُمَارَساتِ المُتَطَرِّفَةِ التِي تُسِيءُ إلَى الإِسْلامِ والمسلمينَ ونَدْعُو للتعايشِ الحسَنِ بينَ النَّاسِ في هَذا البَلَدِ وللتَّعَلُّمِ وَمَعْرِفَةِ الإِيمانِ بِاللهِ ورَسُولِهِ، وَمَعْرِفَةِ الحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ لِيَصِيرَ عندَ المسلِمِ الميزَانَ الشَّرعِيَّ الذِي بِهِ يُمَيِّزُ الطَّيـِّبَ من الخبِيثِ وَالحَلالَ مِنَ الحَرَامِ والحقَّ مِنَ البَاطِلِ وَالحسَنَ مِنَ القَبِيحِ.
إخوَةَ الإيمَانِ مَعَ اقْتِرَابِ يَوْمِ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ سَارِعُوا في هَذِهِ الأيَّامِ المبارَكَةِ إلى التَّوبَةِ إلَى اللهِ، وأَكْثِرُوا يَوْمَ عَرَفَةَ مِنَ الدُّعَاءِ، أن يُخفِّفَ الله تعالى عن هذهِ الأُمَّةِ، في اليَوْمِ الذِي يَجْتَمِعُ مِئَاتُ الآلافِ مِنَ المسلِمِينَ على أَرْضِ عَرَفَةَ ادْعُو اللهَ تعالَى أَنْ يُفَرِّجَ كُرُبَاتِهِم إنَّهُ علَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. في يَوْمِ عَرَفَةَ عندمَا يَجْتَمِعُ النّاسُ هُنَاكَ تَذَكَّروا يَوْمَ الْمَحْشَرِ وَاعمَلُوا لِذَلِكَ اليَوْمِ العَظِيم. في يومِ عرفةَ أكثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ والاستِغْفَارِ وَالتَّهْلِيلِ وَالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم القائلِ في حديثِهِ الشَّرِيفِ: "ما رُؤِيَ الشيطانُ أَصْغَرَ وَلا أَحْقَرَ وَلا أَدْحَرَ ولا أغْيَظَ منهُ في يَوْمِ عرفةَ وما ذاكَ إلا أنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ فِيهِ فيُتَجَاوَزُ عَنِ الذُّنُوبِ العِظَامِ". اللهمَّ اغفِرْ لَنا وتَجَاوَزْ عن سيِّئاتِنا إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحيمُ. هذا وأستغفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم.
الخُطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِي لهُ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ. عبادَ اللهِ أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ، يقولُ اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ﴾ أي اطلبُوا الأسبابَ التي تُقَرِّبُكُمْ مِنَ اللهِ تعَالَى، وَمِنْ هذهِ الأَسْبَابِ زيارَةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والتوسُلُ بِهِ إلَى اللهِ تعالَى لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَزَوَالِ نِقْمَةٍ وَتَفْرِيجِ كَرْبٍ، المُتَوَسِّلُ بالنبيِّ عليهِ السلامُ يَطْلُبُ مِنَ اللهِ تعالَى لأَنَّ المُسلِمَ يَعْتَقِدُ أنَّ الخالِقَ والنَّافِعَ وَالضَّارَّ علَى الحقيقَةِ هُوَ اللهُ تَعالَى. وَكَمْ مِنَ الأمَّةِ اليَوْمَ يغْلبُهُمُ الشَّوْقُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلّم، واشَوْقاهُ إليكَ يا رَسُولَ اللهِ، وَاشَوْقَاهُ إليكَ يا حَبِيبَ اللهِ، واشوقاهُ للوُقُوفِ أمَامَ الحُجْرَةِ المحمَّدِيَّةِ الشريفَةِ، وَاشَوْقَاهُ لِشَمِّ الرَّوائِحِ العَطِرَةِ الزَّكِيَّةِ الطَّـيِّبةِ التي تَفُوحُ من قبرِهِ الشَّريفِ.
أيّها الإخوةُ إنّنَا نَقُولُ لِلْمُسْلِمِينَ عُمُومًا وَلِحُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ خُصُوصًا عليكُمْ بِزِيَارةِ قَبْرِه صلّى الله عليه وسلّم والتوسُّلِ بِهِ عَليهِ الصَّلاةُ والسّلامُ فهو وَسيلَتُكُم وَوَسِيلَةُ أَبِيكُمْ ءَادَمَ إلَى اللهِ تعالى.
إخوة الإيمان، إنَّ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لِلزَّائِرِ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ زِيَارَتِهِ صَلَّى الله عليه وسلّم التقرُّبَ إلى اللهِ تعالَى بِالْمُسَافَرَةِ إلَى مَسْجِدِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلّم والصلاةِ فيهِ. ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ دُخُولِه وَيَلْبَسَ أَنْظَفَ ثيابِه. وَيُصَلِّي التَّحِيَّةَ فِي الرَّوضَةِ أَوْ غَيْرِها مِنَ المسجِدِ شُكْرًا للهِ تعالَى على هذهِ النِّعْمَةِ العَظِيمَةِ وَيَسْأَلُهُ إِتْمَامَ مَا قَصَدَه وَقَبُولَ زِيَارَتِه. ثُمَّ يأتِي القَبْرَ الكَرِيمَ وَيَسْتَقْبِلُ جِدَارَ القَبْرِ وَيَقِفُ نَاظِراً إلَى أَسْفَلِ مَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنْ جِدَارِ القَبْرِ غَاضَّ الطَّرْفِ فِي مقَامِ الهَيْبَةِ والإِجْلالِ فَارِغَ القَلْبِ مِنْ عَلائِقِ الدُّنيا مُستَحْضِرًا في قَلْبِه جَلالةَ مَوْقِفِه. ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلا يَرْفَعُ صَوْتَه بَلْ يَقْتَصِدُ وَيَقُولُ: السَّلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ. وقد روَى الطبرانِيُّ والبيهقيُّ وغيرُهما أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: "مَنْ حَجَّ فَزَارَ قَبْري بعدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي". اللّهُمَّ ارزُقْنَا زِيَارَتَه وشفاعَتَه وَرُؤْيَتَه فِي المنَامِ وَعِنْدَ الممَاتِ وَدَاوِنا بِنَظْرةٍ مِنْ جَنَابِه الشَّريفِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا الله. واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ، أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ ﴿إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا﴾ اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيم وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى ﴿يا أيها الناسُ اتقـوا ربَّكـم إنَّ زلزلةَ الساعةِ شىءٌ عظيمٌ يومَ ترونَها تذهَلُ كلُّ مرضعةٍ عما أرضَعت وتضعُ كلُّ ذاتِ حملٍ حملَها وترى الناسَ سُكارى وما هم بسُكارى ولكنَّ عذابَ اللهِ شديد﴾، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنّا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون .اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.